يقول الله عزل وجل:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء الآية (82)، فالقرآن كتاب إلهي يدعو الإنسان إلى ممارسة الأعمال العقلية من تفكر، وتدبر، وتذكر، وتعقل، وتعلم، ليعلن بوضوح التحدي التام من كتاب الله للإنسانية كافة، بل للإنس وللجن على حد سواء أن يجدوا خللا أو تناقضا.قال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) الإسراء الآية (88)
وإن قيام أصحاب التصرفات المنحرفة بحرق المصحف الشريف يدل على عقلية لم تعمل بدعوة القرآن الكريم.
وصدق فيهم قول الحق تبارك وتعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) البقرة الآية (170)
إن ما حدث من إحراق نسخة من المصحف الشريف، إن دل على شيء فهو يدل على، حقد دفين من انتشار الإسلام بقيمه، وأخلاقه، واحترامه للآخر، ودعوته للسلام وفتح آفاق العقول والقلوب، وتطهير النفوس في شتى أنحاء العالم، ومن العجيب أن القرآن الكريم قد أخبر عن هذه الطوية من الناس، وعن موقفهم من القرآن الكريم، حتى من سماعه قال تعالى: (وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا)الحج (7٢).
وهذا شأن القرآن الكريم دائما إذا سمعه المؤمن اهتدي إلى الإيمان، وبعدت نفسه عن الطغيان، وإذا سمعه من له قلب صافٍ، وفكر واعِ احترم ما فيه من قيم وأخلاق، وإذا سمعه من ضل فكره ازداد ظلما وطغيانا.
قال تعالى: (وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظّالِمِينَ إَلاّ خَسَارًا) [الإسراء:82].
إن ما حدث، من إحراق المصحف الشريف لابد وأن يثير في نفوس المؤمنين مواقف إيجابية حاسمة تتمثل فيما يلي :-١- انتشار الدعوة الإسلامية بكافة وسائلها، وأساليبها الناجحة، للتعريف بالإسلام، تعريفاً يقيم الحجة، ويزيل الشبهة أمام من علقت في أذهانهم، وقلوبهم مغالطات، فيجب على المشتغلين بالدعوة القيام بهذا الواجب قال تعالى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف الآية 108
٢- إنشاء ملحق ثقافي دعوى بسفارات الدول الإسلامية في البلدان التي لا تعرف عن الإسلام شيئا، أو تعرف منه الأباطيل، والأضاليل، والأفكار المغلوطة.
٣-إن دعوة الأزهر بممارسة الضغوطات الاقتصادية علي البلاد التي تعطي الضوء الأخضر لممارسة تلك الأعمال المنحرفة، بإهانة المقدسات الإسلامية سواء في تمزيق المصاحف الشريفة، أو الرسومات المسيئة، لكفيل حقا بمنع تلك الممارسات والاعتبار بمن يمثلون ربع سكان هذا العالم.
فالقرآن الكريم كتاب يدعو إلى التعارف والتآلف بين الشعوب على اختلاف ألوانها وأجناسها، تعارفا يؤدي إلى تبادل المنافع بينهم مع اختلاف مللهم ونحلهم ويقوم ذلك على أساس من الاحترام المتبادل، والتعايش السلمي قال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات الآية (13)
وإذا شذت أمة عن هذا المبدأ الأصيل، وضمرت أو أعلنت العداء لأمة الإسلام، فإن القرآن يرغب أتباعه أولاً في إيجاد سبل المودة والبحث عن حبال التواصل السلمي، قال تعالى: (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ۚ وَاللَّهُ قَدِيرٌ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الممتحنة الآية (7)
فيا حسرة على هؤلاء الذين وصل بهم الغيظ، إلى إهانة المقدسات فضلوا وأضلوا، ونتمنى ونرجو لهم أن تصلح عقولهم، وتصفوا نفوسهم قبل أن يحل لهم وعيد ربهم ، في قوله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ( الأعراف الآية (179).
***********************
***********************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق